شهر ذي الحجة اتفق العرب على تقسيم السنة إلى اثني عشر شهراً عربياً اعتماداً على دورة حياة القمر، وشهر ذي الحجة هو الشهر الثاني عشر من أشهر السنة القمرية، والشهر الثاني من الأشهر الحرم، وقد أطلِق عليه هذا الاسم عام 412م في عهد كلاب بن مرة وهو الجد الخامس للنبي محمد صلى الله عليه وسلّم لأنّ الحج إلى بيت الله الحرام يتمّ فيه، وقد كانت ثمود تسميه مُسبِلًا، وكانت تسميه بقية الأعراب نَعَس وبُرَك (من بروك الإبل في يوم النحر).
أعمال شهر ذو الحجة ميّز الله تعالى شهر ذي الحجة بالأيام العشرة الأولى منه، حيث أقسم بها في كتابه الكريم، في قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر:1-2]، فالله تعالى عظيمٌ ولا يقسم إلّا بما هو عظيمٌ، ورجّح العلماء بأنّ هذه الأيام هي الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة، ففيها تتمّ أعمال الحج الأكبر، وفيها يوم عرفة وهو اليوم التاسع، حيث يصعد حجاج بيت الله تعالى إلى جبل عرفات ويباهي عز وجلّ بهم ملائكته لأنّهم قادمون يطلبون الرحمة والمغفرة منه. وقد شرع في هذه الأيام عدّة أعمالٍ محببة إلى الله تعالى يكسب العبد الأجر الكبير عند القيام بها، وهذه الأعمال هي:
- التوبة الصادقة والخالصة لله تعالى من جميع الذنوب السابقة مع العزم على عدم العودة إليها.
- أداء مناسك الحج والعمرة للقادر عليها ومن يسّر الله تعالى له ذلك، فالحج المبرور الذي يغفر الله تعالى للحاج ذنبه هو الذي لم يخالطه الرياء أو السمعة أو الرفث أو الفسق.
- الصيام، فالله تعالى يحب صيام العبد ويجزيه به حسب ما يريد، وهو العظيم والرحيم والكريم لذلك فأجر الصيام كبيرٌ وخاصةً إذا كان في أوقاتٍ محببةٍ إليه عز وجلّ، ويوم عرفة يكفر سنةً سابقةً من الذنوب وسنةً لاحقةً، ويُسن للعبد صيام التسعة أيام جميعها أو ما يقدر عليه ولكن عليه أن لا يضيّع صيام يوم عرفة.
- الإكثار من الصدقة، فهي من الأعمال التي تنفع العبد وتكسبه الأجر الكبير، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:254]
- الإكثار من الصلاة، فيجب على العبد الالتزام بتأديتها مع الجماعة إنْ كان رجلاً والإكثار من النوافل في هذه الأيام.
- التكبير والتهليل والتحميد والذكر، والاستغفار، والإكثار من أعمال الخير، مثل: بر الوالدين ومساعدة الآخرين وإغاثة الملهوف.
- الإكثار من الدعاء وخاصةً في يوم عرفة فهذه الأوقات مستجاب فيها الدعاء، والدعاء للمسلمين في ظهر الغيب.