المرارة هي حويصلة مجوّفة كمّثريّة الشّكل، تقع في الجانب الأيمن أسفلَ الكبد، يتراوح طولها ما بين 7-10سم. وظيفتها تخزين العصارة الصّفراء التي يفرزها الكبد، وتركيزها قبل إفرازها في الأمعاء الدّقيقة، ويتمّ إفرازها عندما يدخل طعامٌ دهنيٌّ القناةَ الهضميّةَ؛ حيث تساعد العصارة الصّفراء على هضم المادّة الدهنيّة، والتخلّص من البيليروبين الناتج عن تكسُّر خلايا الدّم الحمراء، وتمرّ هذه العصارة من الكبد عبر القناتين الكبديّتين اليُمنى واليُسرى، ثمّ تتّحدان لتكوّنا القناة الصفراويّة الكبديّة العامّة، وتتّحد القناة العامّة بدورها مع القناة الصفراويّة المراريّة التي تصدر عن عنق المرارة مكوّنتين القناة الصفراويّة العامّة، ومن خلالها تخرج العصارة الصّفراء إلى الأمعاء الدّقيقة.[١]
استئصال المرارةيمكن أن تصيب المرارةَ العديدُ من الأمراض، منها: حصوات المرارة، والتهابها، وسرطانها، وخراجها، وقد تنفجر. ويُمكن أن يُعالَج التهاب المرارة بالمضادّات الحيويّة والمُسكّنات، لكن إذا تكرّر التهابها فإنّ ذلك يستدعي تدخّلاً جراحيّاً، ويُعدّ استئصال المرارة الحلّ الأمثل لكثيرٍ من أمراضها، ومنها حصوات المرارة مع أعراضها التي تظهر معها، والتهاب المرارة المُزمِن، وسرطان المرارة.[٢]
مُضاعفات عمليّة استئصال المرارةيمكن أن تظهر عدّة مشاكل نتيجة عمليّة استئصال المرارة، ومنها:[٣]
تُسمّى أعراض ما بعد استئصال المرارة أيضاً متلازمةَ ما بعد استئصال المرارة، وتشبه في أعراضها أعراضَ حصوات المرارة، ويُعتقد أنّ سببها هو تسرّب العصارة الصّفراء إلى أماكن مختلفةٍ، ومنها المعدة؛ فباستئصال المرارة قد يخسر الجسم المكان الذي تُخزَّن فيه العصارة الصّفراء، فيتمّ تركيزها إلى حين إفرازها، وقد يكون السّبب هو عدم استخراج الحصوات كلّها الموجودة في القنوات الصفراء، ويمكن أن تحصل مشكلتان: الأولى هي زيادة إفراز العصارة الصّفراء إلى الجزء الأعلى من الجهاز الهضميّ، ممّا قد يؤدّي إلى حصول التهابٍ في المعدة أو المريء، والمشكلة الثانية متعلّقةٌ بالجزء السفليّ من القناة الهضميّة؛ حيث يُصاب المريض بإسهالٍ ومغصٍ أسفلَ البطن. وتحدث هذه المتلازمة عند 10-15% من الأشخاص الذين يتمّ استئصال مراراتهم.[٤][٢]
أعراض متلازمة ما بعد استئصال المرارةيمكن تلخيص الأعراض التي يمكن أن يُصاب بها المريض بما يأتي:[٥][٤]
سبب حدوث هذه المتلازمة هو حدوث خللٍ في مسار تدفُّق العصارة الصّفراء؛ حيث تمّ استئصال المكان الذي تتخزّن فيه وتتجمّع، والذي هو المرارة، لذا فإنّ استئصالها يؤدّي إلى حدوث خلل في مسار العصارة الصّفراء، ومن أهمّ الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث متلازمة ما بعد استئصال المرارة:[٤]
أجرى العديد من الباحثين دراسةً على عوامل الخطر التي قد تؤدّي إلى حدوث متلازمة ما بعد استئصال المرارة، ولم يصلوا بعدُ إلى نتيجةٍ أخيرةٍ، لكن حصل إجماعٌ على أنّ إجراء الفحوصات بصورةٍ صحيحةٍ، وإجراء العمليّة تحت أيدٍ ماهرةٍ، وإجراء دراسةٍ شاملةٍ للقنوات الصفراويّة جميعها تضمن تجنُّب حدوث المتلازمة بنسبةٍ كبيرةٍ، ومن عوامل الخطر التي قد تجعل نسبة حدوث المتلازمة أكبر: إجراء عمليّة استئصالٍ عاجلةٍ دون تقييم كافٍ وصحيح للحالة، وإذا عانى المريض مدّةً تزيد عن عشر سنينَ من أعراض أمراض المرارة قبل استئصالها، فقد تصل نسبة حدوث المتلازمة في هذه الحالات إلى 34%.[٤]
التّشخيص والفحوصات اللازمةالإجراءات التي يمكن أن يتّخذها الطبيب لمعرفة سبب حدوث الأعراض تبدأ من معرفة الأعراض التي ظهرت على المريض، ومتى ظهرت، ثمّ إجراء فحوصاتٍ مثل: فحص الدم؛ لمعرفة إن كانت هناك أيّة علامةٍ على وجود التهابٍ أو لا، واختبار الاستقلاب الشّامل، ومعرفة نسبة الأميليز؛ للكشف عن وجود خللٍ في البنكرياس أو لا، بالإضافة إلى فحص وظائف الكبد، ومعرفة زمن البروثرومبين (PT) (بالإنجليزيّة: Prothrombin time)؛ لمعرفة هل السبب خلل في الكبد، وإذا كان المريض متعباً جدّاً فيجب عمل تحليل غازات الدّم لمعرفة هل هناك خلل في حموضة الدّم أم لا، وغالباً ما يعمل الطبيب سوناراً لتقييم حالة القنوات الصفراويّة والكبد والبنكرياس، أو يصوّر البنكرياس والأقنية الصفراويّة بالتنظير الباطنيّ بالطريق الرّاجع (بالإنجليزيّة: Endoscopic Retrograde Cholangiopancreatography)، والتي تُعدّ أنجع طريقةٍ لتشخيص متلازمة ما بعد استئصال المرارة.[٤][٦]
يمكن للطّبيب أن يطلب صورةً للصّدر؛ وذلك لاستبعاد فتق الحجاب الحاجز، أو التهاب الجزء السفليّ من الرّئة، وفي بعض الحالات قد يطلب صورة أشعّةٍ للبطن، ويمكن عمل تنظير أو فحص الأشعّة الملوّنة؛ لاستبعاد أسبابٍ أخرى، مثل: الإرجاع الحمضيّ المريئيّ، أو قرحة المعدة، وهناك فحوصات وصور أخرى يمكن أن يطلبها الطّبيب حسب كلّ حالةٍ؛ بحيث يجعل الطبيب خيارَ إعادة فتح البطن؛ لمعرفة السّبب جراحياً آخرَ خيارٍ لديه.[٤][٦]
العلاجمتلازمة ما بعد استئصال المرارة هي حالةٌ في الغالب مؤقّتة، فبعد التشخيص الصّحيح؛ يجب أن يبدأ العلاج، ويكون إمّا دوائيّاً أو جراحيّاً، ويمكن للمرضى الذين يعانون من مرض القولون العصبيّ الاستفادة من العوامل المحجّمة (بالإنجليزيّة: Bulking Agent)، ومسكّنات تشنّج القولون ومضادّاته، كما يمكن أن تستفيد العضلة العاصرة العصبيّة من جرعاتٍ عاليةٍ من مثبّطات قنوات الكالسيوم أو النّترات، ويمكن أعطاء دواء كوليستيرامين (بالإنجليزيّة: Cholestyramine) إذا شكا المريض من الإسهال فقط، أمّا الأشخاص المصابون بالارتجاع المعديّ المريئيّ أو التهاب المعدة فيمكن علاجهم بمضادّات الحموضة، أو مثبّطات مضخّة البروتون (بالإنجليزيّة: Proton Pump Inhibitors)، وأثبتت دراسةٌ أنّ دواء لوفاستاتين (بالإنجليزيّة: Lovastatin) يخفض نسبة الكولسترول، وقد أدّى إلى تحسّن 67% من المرضى.[٤][٦]
يلجأ الطّبيب أحياناً إلى الحلّ الجراحيّ في بعض الحالات، والعمليّة الأكثر استخداماً هي تصوير البنكرياس والأقنية الصفراويّة بالتنظير الباطنيّ بالطريق الرّاجع (بالإنجليزيّة: Endoscopic retrograde cholangiopancreatography)؛ حيث يكون هذا الإجراء للتّشخيص والعلاج في الوقت نفسه، ويمكن أن يلجأ إلى عمل جراحةٍ استكشافيّةٍ حين لا تقدّم الفحوصات والصّور تشخيصاً كافياً، أو عندما لا يُجدي العلاج بالأدوية نفعاً.[٤][٦]
الوقايةالتقييم الجيّد قبل العمليّة والإجراء الصّحيح لها يمكن أن يقلّلا كثيراً من نسب حدوث متلازمة ما بعد استئصال المرارة، كما يجب إعلام المريض بالمضاعفات التي يمكن أن تحصل نتيجة العمليّة في أيّ وقتٍ بعد استئصال المرارة.وبعد استئصال المرارة، يجب على المريض أن يُراجع طبيبه، ويتابع استقرار حالته؛ لتدارك أيّة مضاعفاتٍ يمكن أن تحدث، مثل: تسرّب العصارة الصّفراء من القنوات الصّفراويّة، أو تسلّل حصوةٍ وسدّ القنوات الصفراء، لذا فالمتابعة ضروريّة بعد إجراء الاستئصال، ويُنصَح كذلك بتناول كميّاتٍ أقلَّ من الوجبات المُشبَعة بالدّهون.[٤][٥]
المراجعالمقالات المتعلقة بأعراض ما بعد استئصال المرارة