نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم على مرحلتين، فالمرحلة الأولى كانت في مكة المكرّمة قبل الهجرة إلى المدينة المنوّرة، واتصفت الآيات التي نزلت في هذه الفترة بأنّها تتحدث عن مظاهر قدرة الله تعالى في الكون ومخاطِبةً قلوب المؤمنين لتثبيتهم على الدين، كما أنّها تناولت الأمور التي تتعلّق بالعقيدة والإيمان، فقد كانت الأمة الإسلامية في أول تأسيسها، وكان لا بد من تأسيسها على أساسٍ متين وعميق لتدوم لفتراتٍ لاحقةٍ، وليستطيع المؤمن أن يواجه الفتن التي قد تظهر في حياته وقد تواجهه، فالمشركون كانوا للمسلمين في المرصاد لمحاولة إرجاعهم من الدين إلى الشرك بالله تعالى، وبالتالي فإن المسلم بحاجة أن يكون الإيمان لديه مترسخاً حتى لا تزعزعه الضغوطات.
والجزء الآخر من القرآن الكريم نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم بعد الهجرة في المدينة المنورة، وتتصف الآيات المدنيّة بأنها تتحدث عن الأمور التي تنظِّم حياة المسلمين، وتوضِّح لهم أسس التعامل فيما بينهم ومع الآخرين، فالعقيدة الإسلاميّة قد ترسّخت جيداً في قلوب المسلمين واستطاع النبي أن يبني الأساس المتين للدولة، وكان لا بد من توضيح أمور المعاملات فيها لتنظيم الحياة لهم.
لقد كان الله تعالى ينزل الآيات الكريمة في مناسباتٍ مختلفةٍ فبعضها نزل لسبب معيّن حصل مع النبي أو مع المسلمين، ووضّحه الله تعالى لهم من خلال الآيات، ومن السور التي نزلت لسبب محدد سورة الحجرات.
أسباب نزول سورة الحجراتنزلت بعض الآيات من سورة الحجرات توضَّح ضرورة التأدّب عند التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن هذه الآيات:
سورة الحجرات من السور المدنية، وعدد آياتها 18 آية، وتأتي بعد سورة الفتح في المصحف وترتيبها بين السور 49، وقد جاءت هذه السورة مهذبةً لنفوس المسلمين ومرسخةً للأخلاق وأدب التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلّم ومع الناس، وقد أطلِق عليها اسم "سورة الأخلاق"، وقد سُمّيت بسورة الحجرات لأنّ الله تعالى ذكر الحجرات التي كانت تسكنها زوجات النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد بدأها الله تعالى بنداء المؤمنين لتنبيههم على أهمية ما جاء في السورة من أوامر ونواهي.
المقالات المتعلقة بأسباب نزول سورة الحجرات