يكفي الإنسان أن ينظر إلى شاشات التّلفاز ليدرك مدى انتشار مشاهد العنف المروّعة التي تبثّها تلك الشّاشات من خلال المسلسلات والأفلام التي تحتوي على مشاهد العنف والقتل، وكذلك من خلال الأخبار الواقعيّة التي تنقل مشاهد العنف الأعمى وأحداث القتل الطّائفي والعنصري والمذهبي التي تحدث عبر العالم.
ولا شكّ بأّنّ تلك المشاهد تؤثّر على الإنسان وتولّد لدى الأجيال الجديدة حسّ العنف والرّغبة في الانتقام، وتكون سبباً من أسباب العنف الذي يحدث داخل الأسرة فيما يسمّى بالعنف الأسري، فما معنى هذا المصطلح ؟ وما هي أبرز أسبابه ؟
العنف الأسري يعرّف علماء النّفس والاجتماع مفهوم العنف الأسري بأنّه حالة غير طبيعيّة تتّخذ فيها أساليب التّرهيب والعنف والإيذاء من قبل أحد أفراد الأسرة ضدّ فردٍ آخر في نفس الأسرة، ويكون هذا العنف واقعاً على الجسد بالضّرب أوالإيذاء، وقد يكون واقعاً على النّفس من خلال التّرهيب والتخويف أو الاضطهاد، كما يأخذ العنف الأسري شكل الاعتداء الجنسي وهو أخطر أنواع العنف الأسري وأشدها إيلاماً لنفس من يتعرّض لذلك.
أسباب العنف الأسري
- تعتبر التّنشئة الخاطئة للآباء والموروثات الاجتماعيّة المغلوطة سبباً رئيسياً من أسباب العنف الأسري، فقد ينشأ الوالدان في بيئة غير صالحة، ممّا يجعلهم يتّسمون بالصّفات العدوانيّة التي سيحملونها معهم عند تكوين أسرهم في المستقبل، وبالتّالي يكون تعاملهم مع أبنائهم مبنيّاً على الشّدّة والعنف بعيداً عن الرّفق واللّين.
كما تتدخّل الموروثات الاجتماعيّة الخاطئة في أسلوب التّربية أحياناً، وتنحى بها نحو العنف لاعتقاد الآباء جهلاً أنّ ما ورثوه من أساليب عن آبائهم تصلح لتربية أبنائهم، وقد يكون في هذه الأساليب عنفاً وشدّة غير مقبولة.
- عدم اعتماد أسلوب الحوار الأسري كطريقة للتّقريب بين وجهات نظر الأجيال المختلفة، وبالتّالي عدم إدراك الجيل القديم لاختلاف الجيل الجديد عنه في عدّة أمور، وبالتّالي يحصل التّصادم غير المحمود والعنف غير المقبول نتيجة عدم التّوصل إلى قواسم مشتركة وأرضيّة تجمع الجميع في جوٍّ من التّوافق والتجانس الإيجابي المثمر.
- الخلافات الأسريّة بين الزّوجين وما تحدثه من أثرٍ نفسي سيء في نفوس الأبناء، فالابن وعندما يرى والديه يتشاجران أمامه ولا يحترمان بعضهما فإنّ ذلك يزرع في نفسه العدوانيّة ضد الآخرين.
- غياب دور المجتمع والدّولة أحياناً، فالمجتمع قادرٌ بلا شكّ على غرس القيم النّبيلة بين أفراده من خلال حملات التّوعية والإرشاد، والدّولة كذلك يمكن أن تساهم في علاج حالات العنف الأسري من خلال تضمين المناهج التّعليميّة فصولاً معيّنة تبحث أسباب العنف الأسري، وكيفيّة علاجه من خلال وضع المنهج الصّحيح المستمد من الدّين والأخلاق والقيم.