العراق تشتهر العراق بكثرةِ مواقعها الأثريّة، كيف لا وهي التي شهدت أولى الحضارات وأعظمها على وجه الأرض؛ حيث كانت العراق عظيمة الشأن بما كانت عليه، وبما خلّفته لنا من آثار لا زالت شاهدةً حتى يومنا هذا على عظمةِ وروعةِ ونُدرةِ النّفائس فيها.
تضُمّ العراق أكثر من اثني عشر موقعاً أثريّاً قديماً، ويحتوي كلّ موقعٍ على آلاف الآثار، منها ما هي مكتشفة وأخرى غير مكتشفة، ولهذا لا تَتَسع المقالات ولا الكتب لإحصاء جميع الآثار العراقية القديمة، لذا سنأتي على ذكر بعض المواقع والتي تحوي أنْدَر وأعظَم الآثار العراقية القديمة.
آثار العراق القديمة - آثار أور: يقع في القسم الجنوبي من الجمهورية العراقية، ويبعد هذا الموقع الأثريّ الشهير مسافةَ سبعة عشر كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من مدينة الناصرية، وهي إحدى المدن الأثرية السومرية، والتي كانت عاصمةً لهم، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنبي الذي ولد فيها، وهو إبراهيم الخليل عليه السلام بين عامي ألفٍ وسبعمئة وألفين ما قبل الميلاد.
تكثر في هذه المدينة معابد الآلهة السومرية الأسطورية الزقورة، وتأتي الزقورة على شكلِ طبقاتٍ عدّة لتأخذ شكل مدرّج، وتُعتبر زقورة أور أهم الزقورات الموجودة في العراق ، تلك الموجودة في شمال غرب حي المعابد، وأشهر ملوك
مدينة أور هو الملك أورنَمو، حيث تمّ بناء العديد من المعابد في عهده.
- آثار نمرود: يقع هذا الموقع في القسم الجنوبي من مدينة الموصل، ويبعد عنها مسافةَ أربعةٍ وثلاثين كيلومتراً، وكان هذا الموقع قديماً هو مدينة كالح الأشورية، وكانت تُعتبر عاصمة الآشوريين الثّانية، ووجدت فيها مقابرٌ ملكيةٌ ثلاث تحوي العديد من الكنوز، إضافةً إلى المجسّمات العديدة للثيران المجنّحة، والعديد من القِطعِ ذات الأشكال النسائية، وبعض البقايا من قصر آشورناصربال الثّاني.
اكتشفت في هذا الموقع العديد من القِطع الذهبيّة التي يفوق عددها ستمئة قطعة، وأيضاً أحجارُ وكنوزُ النمرود، والتي اكتشفت في سرداب، وذاع صيت هذه المدينة في أيام الملك شلمنصر الأوّل الآشوري.
- آثار نيبور: وهي من المدن القديمة الموجودة في بلاد ما بين النهرين، والتي كانت تُعرف باسم نفر، وتبعد عن جنوب مدينة بغداد مسافةَ مئةٍ وسبعين كيلومتراً، وتُعرف اليوم باسم مدينة عفك، وكانت قديماً تُمثّل عاصمةَ السومريين والبابلييين الدينية، وقد حكمت فيها العديد من السُلالات السومرية، والأكادية، والأشوريّة.
بيّنت التنقيبات فيها وجود ملعبٍ رياضي، وذلك من خلال العثور على لوحةٍ يبدو فيها رجلٌ ممسكٌ بكرة، وأشارت التنقيبات أيضاً إلى وجود مكتبةٍ مهمة، إضافةً لبعض القطع المدّونة عليها نصوص دينيّة، ورياضيّة وفلكيّة، وتشتهر هذه المدينة بزقوراتها التي تبدو واضحةً للعيان من بعيد.
- آثار إيسن: تقع هذه المدينة إلى الجنوب من مدينة عفك، وتبعد عنها مسافة أربعة وعشرين كيلومتراً، وقد تعاقبت عليها سُلالاتٌ عديدة في حكمها، من سلالة إيسن الأولى، وسلالة السومريّين، وسلالة البابليين.
اكتشفت في هذا الموقع ألواحٌ مِسمارية، يحمل أحدها اسم الملك لبت عشتار، وواحد آخر يَحمل اسم ال
مدينة إيسن، وبعض القطع التي تعود لفترة حكم الملك نبوخذ نصر الثّاني.
- آثار بابل: تقع هذه الآثار إلى الجنوب من مدينة بغداد، وتبعد عنها مسافة تسعين كيلومتراً، وتعني بابل باب الإله وذلك حسب اللغة الأكادية، ويُعتبر نبوخذ نصّر الثّاني أشهرَ ملوكها الكلدانيين، وحمورابي أشهر ملوكها الآموريين.
من أشهر الآثار فيها هو شارع الموكب، وأيضاً الأطلال الباقية من حدائق بابل المُعلّقة، وأطلالٌ لِبعض القصور فيها، وبوابةُ عشتار الشهيرة والموجودة في ألمانيا ضمن متحف برلين اليوم، ويشتهر فيها أيضاً المسرح البابلي، وهنالك مَعبدُ ننماخ، إضافةً إلى المجسّم الحجري لأسد بابل الكبير.
- آثار نينوى: تقع هذه المدينة في شمال مدينة بغداد، وتبعد عنها مسافة أربعمئة وعشرة كيلومترات، وتُعتبر من المدن الآشوريّة ذاتِ الشهرة الواسعة، وعُثر فيها على قصرٍ للملك سنحاريب، إضافةً إلى العديد من الرّسومات التي نُحتتْ على الحجر، واكتُشف فيها أيضاً قصرٌ خاصٌ بالملك آشورناصربال الثّاني.
يضمّ هذا الموقع رأساً برونزياً يعود للملك سرجون الأكادي حسب آراء الباحثين، ويأتي على شكلِ وجهٍ ملتحٍ، كما عُثر فيها على مداخل عديدة للمدينة، وكذلك يوجد سورٌ كبيرٌ يَصل طوله إلى اثني عشر كيلومتراً.
- آثار آشور: يقع هذا الموقع إلى الجنوب من مدينة الموصل، ويبعد عنها مسافة مئة وعشرة كيلومترات، وكانت تُعتبر هذه المدينة مركزاً مهماً آشورياً، وتوجد فيه العديد من الآثار التي تَعود لفترةِ حُكم الملك سنجاريب، وتوجد مُعظم هذه الآثار في محافظة دهوك، إضافةً إلى منحوتات معلثايا، وعُثر فيها على قناة سنحاريب، التي تُعدّ مشروع ريّ الأراضي الزّراعية لمدينة نينوى، وكذلك بعض المنحوتات لخنس، الذي يُعتبر من المَتاحف الأثريّة الطبيعية المرتفعة.
- آثار أوروك: تقع هذه الآثار إلى الجنوب من مدينة بغداد، وتبعد عنها مسافة مئتين وخمسين كيلومتراً، وتُعرف في العراق باسم وركة، وكانت قديماً تُعتبر من المدن المهمّة السومرية التي تُمثّل إحدى أهمّ المراكز الدينيّة.
يُعتبر غلغامش من أشهر ملوك هذه المدينة الذي دارت حوله العديد من الأساطير السومرية وخاصّةً الملحمة الشهيرة، وعُثر في هذه المدينة على بعض الألواح الطينية التي ضمّت صورَ وبعضِ الكتابات المسماريّة، وفيها بعض الزقورات، ويَشتهر أيضاً معبد إي أنا الأبيض، وأيضاً معبد إله السّماء آنو.
- آثار سامراء: تقع هذه المدينة إلى الشّمال من مدينة بغداد؛ حيث تبعد عنها مسافة مئةٍ وأربعةٍ وعشرين كيلومتراً، وَكانت أيّام الساسانية أحد أهمّ الحصون العسكرية، ويشتهر فيها حصن سومير، وتُعتبر سامراء من أشهر المدن والمواقع الأثرية الإسلامية، حيث تمّ تشييدها من قِبَل المعتصم الخليفة العبّاسي.
يشتهر فيها الجامع الكبير الذي تمّ بِناؤه في عهد الخليفة المتوكّل، وفيها أيضاً العديد من القصور ذات الشهرة الواسعة، وخاصةً قصرُ الخليفة العبّاسي، وقصر كوارا، وأيضاً قصر العاشق والمعشوق الخاص بالخليفة المُعتمد، وأيضاً قصر المعتصم.